التكنولوجيا الحديثة وأطفالنا
كشفت صحيفة "النيويورك تايمز" الأمريكية، حقائق مدهشة، حينما ذكرت أن الرئيس التنفيذي الراحل لشركة "آبل" للأجهزة الذكية، "ستيف جوبز"، لم يكن يسمح لأطفاله كأب بالاقتراب بتاتا من أجهزة "الآيباد"، نظرا لمخاطرها الصحية الكبيرة.
ولاحظ الصحفي بـ "النيويورك تايمز"، "نيك بيلتون، كيف أن جميع أفراد عائلة ستيف جوبز اقتفوا نفس المنوال، حيث كانوا حريصين أشد الحرص على ألا يقترب أطفالهم من الأجهزة الذكية كـالآيباد مثلا، والهواتف الذكية "سمارت فونز"، حيث كانوا صارمين، في التعامل مع أطفالهم حينما يتعلق الأمر بهذه الأجهزة التكنولوجية المتطورة.
هذا الأمر أقر به عراب شركة "آبل"، ستيف جوبز، بنفسه، حينما أكد بأنه لم يكن يسمح أبدا لأطفاله باستعمال، أو الاقتراب من أجهزة "الآيباد"، أحد الابتكارات التي غيرت وجه العالم، يردف الصحفي الأمريكي.
وفي وقت لاحق، سيتبين أن ستيف جوبز لم يكن الاستثناء في مجال التكنولوجيا الذي كان يبعد الأجهزة، التي طورها هو بنفسه، عن متناول أطفاله. فداخل عائلة "ايفان ويليامز"، أحد مؤسسي الموقع الاجتماعي، التويتر، لم يكن يسمح للأطفال أيضا باستعمال لوحات "التابليت"، حيث كانت الأسرة تشجع الأطفال على مطالعة الكتب والاستغناء عن هذه اللوحات المتطورة.
أما رئيس تحرير الأسبق لمجلة " تكنولوجي وايرد"، كريس أنديرسون، فقد اعترف بأنه لايملك أجهزة الحاسوب داخل غرف أطفاله، معللا ذلك بالقول :" لقد لاحظت شخصيا أضرار هذه التكنولوجيات على صحة الإنسان، ولذلك لم أكن أرغب في أن يتضرر أطفالي ".
وأكد الصحفي الأمريكي أن جميع رواد التكنولوجيا في العالم لم يكونوا يسمحون لفلذات أكبادهم باستعمال الأجهزة التكنولوجية المتطورة من قبيل "الآيباد"، الهواتف الذكية"، لأكثر من 30 دقيقة في اليوم على مدار الأسبوع، في حين لم يكن آخرون يسمحون بتاتا لأطفالهم باستعمال هذه التكنولوجيات.
وحينما يبلغ الأطفال السن العاشرة من عمرهم، يردف الصحفي الأمريكي، لايسمح هؤلاء الرواد، لأطفالهم في غالب الأحوال، إلا باستعمال أجهزة الحاسوب، في الواجبات المدرسية لا أقل ولا أكثر.
ما اكتشفه الصحفي بصحيفة "النيويورك تايمز"، ذهب إليه أيضا زميله في مجلة "ذو تيتانك"، حينما لاحظ بدوره ظاهرة مشابهة لما اكتشفه نيك بيلتون، حيث أكد أن مصممي تطبيقات الأجهزة المتطور لا يسمحون لأطفالهم أيضا بالاقتراب من هذه الأجهزة ، بل وتعتبر بالنسبة لهم من "الطابوهات" داخل البيت.
الحرص الشديد من رواد "سيليكون فالي"، وهي منطقة الصناعات التكنولوجية بالولايات المتحدة الأمريكية، على سلامة أطفالهم لايقتصر فقط في النظام الصارم الذي يفرضونه داخل منازلهم إزاء استعمال الأجهزة التكنولوجية المتطورة، بل ينتقل أيضا إلى المؤسسات التعليمية، حيث يحرص هؤلاء الآباء على انتقاء المدارس التي لاتستعمل هذه الأجهزة في التدريس.
الصحفي الأمريكي خلص إلى أن أغلب أطر مقاولات "غوغل"، " ياهو"، "آبل"، باي"، يسجلون أطفالهم بمدرسة "والدورف"، حيث لاتترك الفلسفة هناك أي مكان للتكنولوجيات التي تقض مضجعهم كآباء. فهذه التكنولوجيات تمثل بالنسبة لإدارة هذه المدرسة خطرا على حس الإبداع لدى التلاميذ، وعلى سلوكهم الاجتماعي ودرجة تركيزهم في المدرسة.
ليبقى السؤال المطروح كيف يشجع هؤلاء باقي أطفال العالم على استعمال الأجهزة التكنولوجية المتطورة التي ابتكروها بأنفسهم، وحققوا من ورائها أموالا طائلة، في حين يبدون صرامة كبيرة تجاه استعمال أطفالهم لهذه الأجهزة نظرا لمخاطرها الصحية الجمة..
فهل الأمر يتعلق بالتكنولوجيا المتوحشة وبنظرية الكيل بميكيالين التي انتقلت من قاموس العلاقات الدولية إلى قاموس التكنولوجيا الحديثة؟؟؟