سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب
حمزة بن عبد المطلب (55 ق هـ ـ 3 هـ)،(567 م-624 م) هو عم النبي محمد،
وأخوه من الرضاعة أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب
وهو شقيق صفية بنت عبد المطلب أم الزبير، كان موصوف بالشجاعة
والقوة والبأس حتي عرف أنه أعز فتى في قريش وأشدهم شكيمة،
وكان يُلقب بـ أسد الله وأسد رسوله.
ولد حمزة في مكة المكرمة قبل عام الفيل بسنتين فهو أسن
من الرسول بسنتين، ونشأ وتربي بين قومه بني هاشم سادة
قريش في مكة، شهد حمزة حرب الفجار، وكانت بعد عام الفيل
بعشرين سنة وكان عمره آنذاك اثنتين وعشرين سنة، وبعد موت
أبيه عبد المطلب باثنتي عشرة سنة،
ولم يكن في أيام العرب أشهر منه ولا أعظم.
إسلامه وهجرته
كان في إسلام حمزة مما رواه ابن اسحاق قال:
«حدثني رجل من أسلم، وكان واعيه، أن أبا جهل اعترض
رسول الله عند الصفا فآذاه وشتمه، وقال فيه ما يكره من
العيب لدينه والتضعيف له، فلم يكلمه رسول الله،
ومولاة لعبد الله بن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا
تسمع ذلك، ثم انصرف عنه فعمد إلي نادي قريش عند الكعبة
فجلس معهم، ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل
متوشحا قوسه راجعا من قنص له، وكان إذا فعل ذلك لم يمر
علي ناد من نوادي قريش إلا وقف عليه وكان
يومئذ مشركا علي دين قومه.
فاستقبلته مولاة عبد الله بن جدعان فقالت له:
"يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد من أبي الحكم آنفا وجده
ها هنا فآذاه وشتمه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه"،
فاحتمل حمزة الغضب، فخرج سريعا لا يقف علي أحد كما كان
يصنع وإنما دخل المسجد الحرام متعمدا لأبي جهل أن يقع به
فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم، فأقبل نحوه حتي
إذا قام علي رأسه رفع القوس فضربه علي رأسه ضربة شديدة
شجت رأسه وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلي حمزة
لينصروا أبا جهل فقالوا: "ما نراك يا حمزة إلا صبأت"، فقال حمزة: "
وما يمنعني وقد استبان لي ذلك منه أنا أشهد أنه رسول الله
وأن الذي يقول حق فوالله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين
" فقال: أبا جهل: "دعوا أبا عمارة، لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا".»
وقد كان إسلام حمزة بعد دخول النبي دار الأرقم في السنة السادسة
من البعثة، وأسلم بعده عمر بن الخطاب بثلاثة ايام، وفي السنة السابعة
من البعثة شارك حمزة قومه بني هاشم وبني المطلب الحصار
الذي فرضته عليهم قريش في شعب أبي طالب وعانوا منه المشقة
والعذاب، حتى خرجوا منه في السنة العاشرة من البعثة،
ولما أمر النبي المسلمين بالهجرة إلي المدينة المنورة،
هاجر حمزة مع من هاجر إليها قبيل هجرة النبي بوقت قصير،
ونزل فيها علي أسعد بن زرارة من بني النجار،
وآخي الرسول بينه وبين زيد بن حارثة مولى رسول الله.
جهاده
كان لحمزة أول لواء يعقد في الإسلام حينما بعثه الرسول في ثلاثين
رجلا من المهاجرين يعترض عيرا لقريش قد جاءت من الشام تريد مكة،
وفيها أبو جهل في 300 رجل، فبلغوا ساحل البحر وإلتقي الجانبان
ولم يقتتلوا، ولكن المسلمين كانوا قد أثروا في معنويات قريش،
إذ أنهم تخلوا عن القتال بالرغم من تفوق المشركين عليهم تفوقا عدديا،
وبهذه السرية بدأ فرض الحصار الاقتصادي علي قريش
بتهديد طريق مكة الشام الحيوي لتجارة قريش.
كما وشهد مع النبي غزوة ودان
(وودان قرية قريبة من الجحفة بين مكة والمدينة المنورة)،
وكان حاملا للواء الغزوة، وشهد أيضا غزوة بدر الكبرى التي
وقعت في رمضان سنة 2 هـ حيث اختاره الرسول مع عبيدة بن الحارث
وعلي بن أبي طالب لمبارزة فرسان كفار قريش: عتبة بن ربيعة،
وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، فبارز حمزة شيبة وقتله
وشارك الآخرين في قتل عتبة، كما قتل عددا آخر من أبطال
قريش منهم طعيمة بن عدي، وأبلي بلاء حسنا، وقاتل بسيفين،
وكان يعلم نفسه بريشة نعامة في صدره، وقال عنه أمية بن خلف
أحد سادة قريش قبل أن يقتله المسلمون: "ذلك فعل بنا الأفاعيل".
لما عاد الرسول من غزوة بدر أظهرت اليهود له الحسد بما فتح الله عليه،
فبغوا عليه ونقضوا عهدهم معه، وبينما هم كذلك إذ جاءت امرأة
مسلمة إلى سوقهم، فجلست عند صائغ لأجل حلي له، فجاء
رجل منهم فأظهر عورته، فقام إليه رجل من المسلمين فقتله،
فغزاهم رسول الله وتحصنوا بحصونهم، فحاصرهم 15 ليلة فنزلوا
على حكمه، فأجلاهم إلى أذرعات، وكان حمزة رضي الله عنه
هو حامل لواء النبي في غزوة بني قينقاع
ولما كانت غزوة أحد والتحم الفريقان، يذكر قاتل حمزة وحشي بن حرب:
«كنت غلاما لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب
يوم بدر فلما سارت قريش إلى أحد قال لي جبير: إن قتلت حمزة
عم محمد بعمي فأنت عتيق، قال : فخرجت مع الناس وكنت
رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة قلما أخطئ بها شيئا
فلما التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصره حتى رأيته في
عرض الناس مثل الجمل الأورق يهد الناس بسيفه هدا ما يقوم
له شيء فوالله إني لأتهيأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر
ليدنو مني إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى فلما رآه حمزة قال:
هلم إلي يا ابن مقطعة البظور، قال: فضربه ضربة كأن ما أخط رأسه،
قال: وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت
في ثنته حتى خرجت من بين رجليه وذهب لينوء نحوي فغلب
وتركته وإياها حتى مات ثم أتيته فأخذت حربتي ثم رجعت إلى
العسكر فقعدت فيه ولم يكن لي بغيره حاجة وإنما قتلته لأعتق.
فلما رأته هند بنت عتبة بقرت بطنه ومثلت به، لأنه كان قد قتل
أباها في غزوة بدر، وسميت بآكلة الأكباد، لما كان يوم أحد جعلت
هند بنت عتبة النساء معها يجدعن أنوف المسلمين ويبقرن بطونهم
ويقطعن الآذان إلا حنظلة فان أباه كان من المشركين وبقرت
هند عن بطن حمزة فأخرجت كبدة وجعلت تلوك كبده ثم لفظته
فقال النبي : لو دخل بطنها لم تدخل النار [3].
وخرج الرسول يلتمس حمزة، فوجده ببطن الوادي ن قد بقر بطنه
عن كبده ومثل به، فحزن عليه النبي، فلما رأى المسلمون
حزن الرسول وغيظه على من فعل بعمه ذلك قالوا:
"والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر، لنمثلن بهم مثلة
لم يمثلها أحد من العرب"،
وعن أبي هريرة قال: وقف رسول الله على حمزة وقد قتل ومثل
به فلم يرى منظرا كان أوجع لقلبه منه فقال:
رحمك الله أي عم فلقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات فوالله
لئن أظفرني الله بالقوم لأمثلن بسبعين منهم، قال فما برح حتى نزلت:
وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ،
فقال رسول الله : بل نصبر. وكفر عن يمينه، ونهى عن المثلة،
وكان يوم قتل ابن تسع وخمسين سنة ودفن هو وابن أخته
عبد الله بن جحش في قبر واحدة.