الدواء في ظل الحرب السورية
انخفضت نسبة الدواء المصنع محلياً من 91% خلال عام 2010 إلى 30% بالوقت الحالي
وذلك بعد دخول الثورة عامها الرابع وفقاً لتقارير وزارة الصحة السورية،
مما أدى إلى مشكلة اقتصادية وصحية كبيرة، إذ يعتمد كل من القطاع الصحي العام والخاص في سورية بشكل كلي تقريباً
على إنتاج معامل الدواء المحلية، التي كانت قد اقتربت قبل بدء الأزمة من الوصول إلى الاكتفاء الذاتي،
فجميع أنواع الادوية كانت تصنع محليا باستثناء مشتقات الدم والأدوية السرطانية
تتوزع معامل الدواء السورية بين ثلاث محافظات،
40% منها في مدينة حلب
و60 % في محافظتي دمشق وحمص،
فيما تتوزع بين المناطق المحررة ومناطق النظام بنسبة الثلثين في مناطق النظام
يقابلها ثلث في مناطق المعارضة.
واقع المعامل في المناطق المحررة
يقول الدكتور القاضي أحد مديري معامل الدواء
"يدير المعامل اليوم أشخاص تابعون للمالك، اضطررنا كغيرنا الى وضع تسوية معينة مع كتائب الجيش الحر المتواجدة في المنطقة تقضي بحماية الكتيبة للمعمل مقابل مبالغ مادية باهظة ودعمٍ دوائي، وهوما تقوم به جميع معامل المناطق المحررة باستثناء معملين تسيطر عليهما كتائب الحر بشكل كامل، وثمانية معامل هي خارج الخدمة تماماً بسبب الأضرار التي لحقت بها".
تصديرسري
بالرغم من الحاجة المتزايدة إلى الدواء في السوق المحلية، لا تزال العديد من الشركات الدوائية تصدر منتجاتها إلى دول أخرى،
يوضح الدكتور خالد الرشيد -مدير مبيعات بشركة دواء- الامر بالقول "معظم المعامل الدوائية السورية،
خصوصاً الواقعة ضمن المناطق المحررة، تصدر جزءاً لا بأس به من انتاجها لدول أخرى أهمها العراق ودول آسيوية وافريقية،
ويتم تصدير هذه البضائع إليها عن طريق توصيلها إلى الأراضي التركية وإعادة توزيعها عبر دول أخرى
"، ويضيف "نتحمل مسؤولية أخلاقية لتأمين الدواء محلياً، الا أننا نضطر لتصدير جزء من الانتاج،
ليعود على المعمل بقطع أجنبي وربح أكبر من شأنه أن يساعده على استمرارالانتاج وتفادي الخسارة،
اضافة إلى أن التصدير عبر المناطق المحررة أسهل من توزيع الأدوية ضمن المدن السورية وأقل تكلفة في الظروف الحالية".
شح محلي
يسجل الكثير من الأصناف الدوائية غياباً شبه تام من رفوف الصيدليات في جميع المدن السورية منذ أكثر من سنتين،
وتكمن خطورة ذلك في عدم وجود تراكيب بديلة تغني عن تناول المريض لها، وأهم الأدوية المفقودة، هي: "النيتروجليسيرين"،
وهو موسع وعائي إسعافي لمرضى الذبحة الصدرية، و"الدافلون" لعلاج اضطرابات الأوردة، و"التيروكسين" لاضطرابات الغدة الدرقية،
إضافة الى بخاخات الربو، أنواع دوائية أخرى تتواجد بكميات غير كافية أيضاً، أو متناسبة مع حجم الطلب عليها،
وهي، كما يحصرها الصيدلاني فارس عمر
"أدوية السل والتهاب الكبد والأمراض المزمنة، كالضغط والسكري، السرطان".
غياب الرقابة
في ظل انعدام الرقابة على عملية إنتاج الدواء، يشكو عدد من الصيادلة والأطباء من انخفاض جودة تصنيع بعض الأدوية،
متهمين بعض الشركات الدوائية المحلية بتجاوزات في شروط ومعايير تصنيع الدواء، يقول الصيدلاني عمر محمد: "نلمس تراجعاً في فاعلية الدواء لدى شركات محليّة بعينها، إذ يعود إليّ العديد من المرضى شاكين من عدم فاعلية الدواء،
كما تلقيت شكاوى من عدد من الأطباء بسبب انخفاض الفاعلية أيضاً" وعن ماهية التجاوزات الحاصلة في تصنيع الدواء،
يوضح الدكتور ربيع جميل مدير قسم الجودة في أحد المعامل أن "تصنيع الدواء يمر بسلسلة طويلة من المراحل،
والخلل في شروط تصنيع أيٍّ منها يؤدي إلى تراجع قيمة الدواء الطبية، أما أكثر التجاوزات شيوعاً اليوم،
فهي اتجاه عدد من المعامل لاستعمال مواد أولية ذات مواصفات جودة منخفضة وبأسعار منخفضة،
كوضع عناصر معدنية كيميائية مخصصة للصناعات غير الدوائية بدلاً من العناصر المعدنية الدوائية،
إضافة إلى عدم مراعاة شروط النظافة والتعقيم والتخزين أثناء التصنيع"،ويضيف،
"خلال موجة تخلّي المعامل عن موظفيها، فقدت العديد من كوادرها،
ولم يبق إلا العمال الذين ليس لديهم معرفة بمراقبة سرعة التفكك أو ضبط كميات المواد الرابطة والمفككة،
ما يؤثر على سرعة تأثير الدواء وكميته في دم المريض".