حين يصبح الخيال أبعد من الأحلام في عالم بديل تحت الماء
يعتبر متحف "سوباكواتيكو دي آرتي" أول متحف في العالم تحت الماء،
من تصميم النحات البريطاني جايسون دي كايرس تايلور، الذي هدف أن يتفاعل الفن مع البيئة البحرية. ويغطي تايلور تماثيله بالإسمنت الذي يجذب نمو المرجان،
ثم يغطس بها إلى قاع المحيط، من أجل السماح للشعب المرجانية الاستوائية بتغطية سطح تماثيله،
وتشكيل شعاب مرجانية جديدة في نهاية المطاف.
وفي المياه الضحلة قبالة ساحل كانكون في المكسيك يقع حقل من الشخصيات تحت الماء، إذ يغطي الإسفنج الملون وجوهها الحجرية، فيما تنمو طبقات من المرجان النابضة بالحياة حول أجسامها.
وقال تايلور إن "بعض الشعب المرجانية والطحالب تغطي جزءا من التماثيل،
فيما الأجزاء الأخرى تبقى عارية من الأعشاب البحرية،
" مضيفاً: "يعكس ذلك كيفية تطور هؤلاء الأشخاص في محيطهم، واتحاد جميع البشر في الدائرة ذاتها."
وفي هذه الصورة، وضعت تماثيل بمثابة حلقة من الأطفال في منطقة حيث يلتقي تيارين من المياه،
من أجل الرمز إلى قدرة الإنسان على التكيف مع محيطه الجديد
ويزرع تايلور النباتات والشعاب المرجانية على تماثيله، من دون إزعاج البيئات الطبيعية،
بدلا من استخدام تلك التي تزرع في المشاتل أو تلك التي يتلفها السياح.
وقال تايلور: "أحاول دائما إبراز عالم تحت الماء المميز،
وفي الوقت ذاته، تسليط الضوء على جدية التهديد العميق جراء تغير المناخ."
ويحاول تايلور أن يزيد من وزن التماثيل حتى تصبح ثقيلة قدر الإمكان، وتبقى في قاع البحر،
ومن ثم نقلها تحت الماء، في عملية يمكن أن تستغرق حوالي ستة أشهر.
وبصرف النظر عن تشجيع نمو الحياة البحرية في المنطقة،
يحرص تايلور على إبراز هوية المنطقة التي تستضيف أعماله قائلاً: "أريد أن تمثل أعمالي الثقافة المحلية،" مضيفاً أن "الفكرة من وراء قراره بإغراق سيارة بيتل فولكس فاجن في المكسيك،
تتمثل بأن السيارة لديها مركز مبدع في البلاد، ولكنها قدمت أيضاً ملاذاً مثالياً للحياة البحرية."
وقال تايلور إن "سيارة فولز فاغن لديها شكل مثالي تحت الماء،
وتحيطها القشريات مثل الكركند وسرطان البحر،
إذ يمكن أن تعيش داخلها من دون خطر الوقوع في يد الصيادين."
ويبرز الفنان في هذه اللوحة الفنية، تماثيلاً تدفن رأسها في قاع البحار.
وأوضح تايلور أن "هذا المشهد يعكس تغير المناخ والاحتباس الحراري،
وميل البشر إلى عيش حالة إنكار في الوقت الحاضر، ونسيان المستقبل لتحقيق مكاسب على المدى القصير."
ويعكس هذا التمثال شعور انعدام الوزن تحت الماء، إذ يسمح المتحف للزوار بالتجول بكل سهولة،
والنظر إلى جميع التماثيل من كافة جوانبها، ومراقبة كيف يبدو شكلها من البعيد.
وقال تايلور إن "تغييرات الضوء تتغير تماما وفقا لأحوال الطقس"،
مضيفاً أنه "في بعض الأحيان تخترق أشعة الشمس ظلام المحيط، فيما في أحيان أخرى يسيطر الهدوء والعتمة."
وأشار تايلور إلى أن "المتحف يشكل بمثابة عالم بديل،
حيث يمكن للخيال أن يكون أكثر انفتاحا، كما في الأحلام."
وأنشأ تايلور مشروع متحف التماثيل الثاني في مياه أكثر برودة
قليلا من المحيط الأطلسي أي قبالة سواحل جزر الكناري،
حيث يتم حالياً إنشاء حديقة نباتية جديدة تحت الماء.
وقال تايلور إن "المياه تعتبر أكثر وضوحاً في تلك البقعة من المحيط، ولكنها تفتقر إلى الشعاب المرجانية المدارية مثل تلك الموجودة في البحر الكاريبي،"
مضيفاً أن "في المقابل، هناك وفرة من الأسماك وقنافذ البحر التي تنظيف وجوه التماثيل في فترة الليل."