ألمى شحود في ذمة الله
وفاة ألمى شحود الحرة بطلة ثوار الغوطةتوفيت أمس ألمى شحود في الأردن بعيدة عن أطفالها الخمسة الذين ما يزالون في دمشق بعيدين عن أمهم التي ثارت منذ اللحظة الأولى ضد النظام. لم يكن صدفة أن يلقبها ثوار الغوطة الشرقية بـ«الحرة» بسبب نشاطها المتزايد على جميع على جميع الجبهات كثائرة وطبيبة في الوقت ذاته، حيث كانت من أوائل المسعفين للكثير من الثوار قبل تحرير الغوطة وإثنائها.بدأ النظام القيام بغارات جوية بعد فشله في السيطرة على الغوطة ودخوله إليها بعد تحريره، وفي أحدى الغارات التي استهدفت مشفى ميداني بالغوطة الشرقية اضطر الثوار بطلب المساعدة من شحود لإنقاذ الجرحى، فلبت النداء فوراً، ولتنطلق الحرة البطلة بسيارتها ومرافقها مسرعةً إلى مكان القصف، وهي في الطريق جرى معها حادث نتيجة إصرارها الوصول بأسرع وقت لمعالجتهم فأدى إلى انقلاب السيارة وأصيبت في النخاع الشوكي، وبسبب قلة المعدات الطبية اضطر الثوار بدورهم إلى تهريبها إلى مستشفى المواساة في دمشق.المشفى ومن بداية الثورة تحت مراقبة وحماية أمنية صارمة، لذلك تم اكتشاف أمرها لتبقى تحت التخدير وإعطاؤها جرعات زائدة من المخدر لمدة أكثر من 60 يوماً بأوامر من الضباط في المخابرات العسكرية، مما أدى إلى تقرح جسدها وإصابتها بإدمان، وكانت المصيبة أن الحرة البطلة وقتها كانت حامل وولدت داخل المستشفى، لتكتمل القصة مع الأمن بحجز الطفل الوليد دون رحمة أو شفقة!!.كانت العملية الكبرى في إنقاذها حين استطاع أحد الثوار الوصول إلى أحد عناصر الأمن وتدبيره بدفع رشوة من أجل تهريبها من المشفى، وكان له ذلك وبنجاح، حيث تم نقلها ثانية إلى الغوطة وأمضت ما يقارب الشهر والنصف في إحدى المشافي وحالتها تتدهور بشكل مستمر، فلم يكن أمام الثوار إلا إرسالها إلى الأردن، رغم رفضها الخروج من سورية والبقاء في الغوطة مع الثوار.تم إرسالها إلى الأردن مجبرةً بطريقة شبه سرية ورحلة شاقة على الحدود بعد ضياع المرافقين لها عن بعضهم ليلاً، فاكتملت رحلة العزاب مع الحدود في صباح اليوم الثاني، وهناك خضعت نحو تسعة أشهر للعلاج، ولكن المخدر الذي كان يعطى لها في المواساة كان سبباً بعدم إغلاق أي جرح جديد يتم فتحه فأصيبت بشلل نصفي, لتسلم أمرها للرب أمس السبت 14-6-2014.من الجدير بالذكر أن ألمى شحود «الحرة» تعرضت قبل الإصابة للاعتقال قضت خلالها ستة أشهر في المخابرات الجوية في حرستا، نالت خلالها جميع أشكال التعذيب والإهانات النفسية والجسدية، وعلى الرغم من ذلك عادت وعملت مع الثوار بعد إطلاق سراحها، وتخرج معهم على الجبهات، كان لها نشاط متميز في مدينتي الزبداني وداريا، لتستقر في مكان اقامتها في الغوطة الشرقية، وتأسيس مركز طبي لمعالجة الثوار والأهالي، واعتبرها الثوار المسعفة الأكثر نشاطاً في الغوطة الشرقية.كتبت الزميلة “سيلفا كورية” على صفحتها في الـ«فيس بوك» عن ألمى شحود المصابة بالشلل والمرمية على سرير منذ أربعة أشهر في أحد مشافي عمان متسائلة: هل ندمت على حمل السلاح، وعندما كررت السؤال فكانت نبرتها أكثر ثقة وجدية لترد: «يلي ما بيفهم بالكلام ما بيسقط بالكلام”.وتضيف “سيلفا” بوستها بالقول: «إن ألمى لا تندم على شيء في حياتها كررتها كثيراً، ولا تخاف من شيء.. لذلك أخجل من دمعي أمامها وأخجل من عزيمتها الآتية من داخل جسد نحيل جداً لا يستطيع الحراك أو الجلوس…لألمى الأم المشتاقة والإنسانة المناضلة، وأبنائها الذين سيفطرون ويكبرون ويبكون ويلعبون بعيداً عنها…لكم وحدكم تليق الحياة والحرية».