حديث الرسول عن تبديل المراة لملابسها في السوق
قرأت هذين الحديثين : ( خرجت من الحمام ، فلقيني النبي صلى الله عليه وسلم ،
فقال : مِن أين يا أم الدرداء ؟ فقلت : من الحمام . فقال : والذي نفسي
بيده ، ما من امرأة تنزع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهي هاتكة
كل ستر بينها وبين الرحمن عز وجل ) . "الترغيب والترهيب" (1/119) . ما من امرأة تنزع ثيابها في غير بيت زوجها ، إلا كشفت الستر فيما بينها وبين
ربها ) صححه الألباني في "الرد المفحم" (ص73) . السؤال : لدينا نادي رياضي
قريب منا ، وهو على درجة عالية من الاحترام والمراقبة ، وبداخله صالة
للياقة البدنية ، خاصة بالنساء فقط ، وكل القائمات على أمر هذا المبنى
ورواده أيضا من النساء الملتزمات والمحجبات ، ولا يسمح لأي رجل بارتياده
بتاتا ، وقد نصحنا الطبيب أنا وأختي بممارسة الرياضة للتغلب على حالات
الضعف العام ، والتهاب العضلات والمفاصل ، وكذلك نصح أمي ؛ لأنها تعاني من
هشاشة العظام ، فصرت أنا وأختي نرتاد تلك الصالة في حجابنا الكامل وتسترنا
والتزامنا ، وعندما ندخل إليها نمارس الرياضة بملابس كالتي نرتديها أمام
محارمنا الرجال ، ليس فيها خلاعة ولا كشف مبالغ فيه بالمرة ، فقط رأسنا
والذراعين ، ويكون ذلك في حجرات آمنة مغلقة تماما داخل هذا المبنى ، وكل من
حولنا مِن النساء ، فهل يجوز لنا ذلك ، أم أنه داخل في ما يحرم بنص
الحديثين السابقين ؟ وأريد أيضا من فضيلتكم أن أقف على ما يستثنى من
التحريم بنص الحديثين الشريفين السابقين إن وجد ، فهل معناهما أيضا أنه لا
يجوز الذهاب الى بيوت التجميل ، أعني الكوافيرات الخاصة بالمحجبات ، لأغراض
التجميل المباحة البسيطة التي ليس فيها ما يخالف شرع الله ، والتي تكون
آمنة ، وجميع العاملات فيها من النساء ، حتى وإن كان أحد محارمي سيوصلني
ويأخذني من هناك بالسيارة ؟ وحتى إن كنت عروسا ؟ وإن استدعى ذلك لكشف
اليسير مما تكشفه المرأة أمام محارمها أيضا ؟ وما حكم مراكز التجميل ، أو
عيادات أطباء التجميل التي تكون على نطاق أوسع من ذلك ، ويتم فيها ما هو
أبعد من ذلك ؟ أرجو التفصيل ، وجزاكم الله خيرا .
الجواب :
الحمد لله
روى
أحمد (6/173) ، وأبو داود (4010) والتِّرمِذي (2803) عن عائشة رضي الله
عنها أَنَّ نِسْوَةً مِنْ أَهَلْ حِمْصَ اسْتَأْذَنَّ عَلَيها ، فَقَالَتْ :
لَعَلَّكُنَّ مِنْ اللَّوَاتِي يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ ؟! سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ ) صححه الألباني في صحيح
سنن ابن ماجه .
هذا الحديث يدل على تحريم خلع المرأة ثيابها في غير
بيتها ، والمراد بذلك : إذا خلعت ملابسها في مكان لا تأمن من أن يطلع عليها
رجال أجانب عنها ، أو كان يخشى من ذلك حصول فتنة أو الوقوع في شيء محرم .
قال المناوي في "فيض القدير" (3/176) :
" ( وضعت ثيابها في غير بيت زوجها ) كناية عن تكشفها للأجانب ، وعدم تسترها منهم ،
(فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل ) لأنه تعالى أنزل لباسا ليوارين
به سوأتهن ، وهو لباس التقوى ، وإذا لم يتقين الله ، وكشفن سوأتهن ، هتكن
الستر بينهن وبين الله تعالى ، وكما هتكت نفسها ولم تصن وجهها وخانت زوجها
يهتك الله سترها ، والجزاء من جنس العمل ، والهتك خرق الستر عما وراءه ،
والهتيكة الفضيحة " انتهى .
وقال أيضا (3/189) :
" لأنها لما لم
تحافظ على ما أمرت به من التستر عن الأجانب ، جوزيت بذلك ، والجزاء من جنس
العمل ، والظاهر أن نزع الثياب عبارة عن تكشفها للأجنبي لينال منها الجماع
أو مقدماته ، بخلاف ما لو نزعت ثيابها بين نساء مع المحافظة على ستر العورة
، إذ لا وجه لدخولها في هذا الوعيد " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/224) :
"
مراده صلى الله عليه وسلم والله أعلم : منعها من التساهل في كشف ملابسها
في غير بيت زوجها على وجه تُرى فيه عورتها ، وتتهم فيه لقصد فعل الفاحشة
ونحو ذلك ، أما خلع ثيابها في محل آمن ، كبيت أهلها ومحارمها لإبدالها
بغيرها ، أو للتنفس ونحو ذلك من المقاصد المباحة البعيدة عن الفتنة- فلا
حرج في ذلك " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى نور على الدرب" (شروح الأحاديث والحكم عليها) :
"هذا
الحديث إن صح ( أن من وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت الستر ) ،
هذا إن صح فالمراد أن المرأة تضع ثيابها في حال يخشى أن يطلع عليها من لا
يحل له الاطلاع عليها " انتهى .
وانظر جواب السؤال رقم : (9460) ، (34750) .
وعلى
هذا ، فلا حرج على المرأة إذا وضعت ثيابها خارج بيتها لحاجة وكانت تأمن من
اطلاع أحد على عورتها ، كبيت أمها أو أختها أو النوادي النسائية المغلقة ،
أو محلات التجميل التي لا يدخلها إلا النساء ... ونحو ذلك .
وأما
الذهاب إلى الكوافير فلا حرج فيه إذا كان المكان خاصاً بالنساء ، ولم يكن
فيه شيء من المحرمات كالنمص أو التشبه بالكافرات والفاسقات ، أو كشف ما لا
يجوز كشفه من العورات ، وإنما يقتصر الأمر فيه على تجميل الشعر والوجه .
وأما
مراكز التجميل فالقاعدة في عمليات التجميل بأنواعها المختلفة : "أن ما كان
من أجل إزالة عيب مشوه للبدن فلا حرج فيه ، وما كان المقصود منه المبالغة
في التجميل والتحسين وليس إزالة عيب فهو حرام" .
وتجدين تفصيل ذلك في الموقع تحت عنوان "اللباس والزينة والصور" .
والله أعلم .