مقهى بحمص طيور الحمام
يجذب مقهى طيور الحمام بحمص الذي يعود تاريخه لأكثر من مئتي عام والواقع في شارع المنصور في حي بني السباعي بحمص القديمة السياح و الزوار من هواة تربية طيور الحمام من شتى أنحاء العالم.
وبنيت جدران المقهى من حجر البازلت كما هو حال البيوت والعمارات حيث القناطر أنصاف دائرية والنوافذ الشبكة والسقوف الطينية والقدد الخشبية بمساحة حوالي 80 مترا مربعا كما تضم بعض الكراسي قديمة الصنع ولها باب خشبي قديم لم تمح السنون معالمه وفي الداخل مختلف انواع الحمام من البيئة السورية.
واعتبر حسن عز الدين المسؤول عن إدارة المقهى أن المكان من أحد أهم المقاهي القديمة في سورية الخاصة بتجارة طيور الحمام من جميع الأنواع و التي تبدأ أسعار الزوج منها بدءا من مئات الليرات لتصل في بعض الحالات إلى ملايين موضحا أن مفهوم قهوة الحمام لا يمت بصلة إلى فئة المربين الذين يعرفون بالكشاشة أي الذين يقومون بتربية واقتناء طيور الحمام في الحارات الشعبية على أسطح المنازل بطريقة غير قانونية ويشكلون في كثير من الأحيان مصدر ازعاج للجوار و خطرا على أولئك الذين يقتنون السلالات الأصلية للحمام كهواية و متعة في بيوتهم.
وذكر عز الدين ان المولعين بالحمام وتربيته واقتنائه وبعض السواح و الزوار من مختلف أنحاء العالم يتوافدون إلى المقهى مساء كل يوم للتعرف على شتى أنواع الحمام الذي يعيش في البيئة السورية و منها العمري والقرقاطي و الشخشرلي والبربريسي و البايملي و المشمشي و العنابي و الكازغندي والفيروزي و الشرابي والابلق و الفاضح و المساود و غيرها لافتا إلى أن الحديث الابرز في المقهى عن الحمام و أنواعه وأسعاره وبعض المغامرات في الحصول على الأنواع غالية الثمن والنادرة.
وأشار عز الدين إلى وجود مقاه مشابهة في حلب و دمشق إلا أن هذه القهوة تعد الاقدم نظرا لتوارثها عبر الأجيال ولاختصاصها بالحمام فربما وجد بعض الهواة و المربين الذين حولوا جزءا من بيوتهم إلى مكان لتربية الحمام واقتناء النادر منه إضافة إلى وجود مقاه مماثلة في بعض البلدان العربية كلبنان طرابلس.
وأوضح عز الدين أن الهدف من الابقاء على هذه المقهى هو التفرد بامتلاك هكذا معلم ورغبة من العائلة في الاستمرار باقتناء مختلف أنواع الحمام التي غالبا ما يتم الحصول عليها من خلال الشراء من رواد المقهى مبينا أن الاهتمام بالطيور يتم من قبل أطباء بيطريين مختصين من خلال فحصها بشكل دوري واطعامها حبوب الذرة البيضاء أو الصفراء الطبيعية دون تعقيم لأن التعقيم يضر بها.
ولفت عز الدين إلى استعانته بأحد المهندسين المعماريين لاعادة تأهيل المقهى وابراز معالمه التراثية القديمة من خلال وضع الديكور المناسب له بهدف استثماره بشكل أفضل مع المحافظة على طابعه القديم و سماته العامة.
وقال صبحي أحد رواد المقهى الدائمين منذ 15 سنة يتردد إلى المقهى يوميا ويلتقي بأصحابه من هواة تربية و اقتناء الحمام كنوع من الترفيه عن النفس ورغبة منه في معرفة الكثير عن أسرار الطيور وخاصة الحمام بانواعه المختلفة لافتا إلى أنه شهد أكثر من مرة عمليات بيع طيور الحمام التي وصل ثمنها لملايين الليرات وذلك بحسب لون ريشها وطريقة توزعه على جسم الطائر وشكل العينين ولونهما و غيرها من المواصفات التي تزيد من قيمة وجمال طيور الحمام وكلما زاد تعلق الزبون ورغبته في اقتنائها زاد من سعرها حيث يتراوح سعرها وسطيا ما بين 2000 إلى 5000 ليرة سورية للهواة ولعامة الناس فيتراوح ما بين 500 إلى ألف ليرة سورية.
وحول بعض أسرار مربي الحمام قال أحمد من هواة تربية الحمام إن مربي الحمام يميزون الذكر عن الانثى من حجم رأسه و صوته فرأس الذكر أكبر حجما من الأنثى ويصدر صوتا بشكل متواصل في معظم الاحيان بينما رأس الانثى أصغر حجما و تظل صامتة موضحا أن العلاقة بين الحمام و صاحبه حميمة حيث يميز الحمام صاحبه من نبرة صوته والحمام بشكل عام وفي لموطنه فهو يعود اليه و لا يرضى بغيره فالمكان الذي يتربى فيه لا يمحى من ذاكرته.
وقال الدكتور فواز عز الدين طبيب أسنان بحمص إنه يهوى الحمام بشكل كبير حيث دفعه حفاظه على السلالات النادرة و الأصلية إلى تأليف أول كتاب عن الطيور الشامية قبل خمسين عاما استغرق تأليفه عشرة أعوام و هو يوثق للمعلومات العلمية الدقيقة عن الطائر و مواصفاته مع صورة مرفقة له لافتا إلى أن عمليات البيع و الشراء التي تمت على مدى السنين الماضية بين المحافظات السورية و دول الجوار جعلت العديد من الأنواع الأصلية تذهب إلى الخارج و بالتالي تنقرض ولاسيما الطير البلدي الذي يعد وجوده حاليا نادرا جدا.
وأضاف عز الدين أن البيوت العربية قديما لم تخل من مكان لتربية الحمام يدعى الحبيس أو القشق أو الشف وغيرها من التسميات حيث يوجد في البيئة الشامية حوالي 150 نوعا من الحمام من السلالات الاصلية أي غير الهجينة الذي غالبا ما ينتج من تزاوج لنوعين من الحمام كالميغ و اللورنس والجلف و الشغر أو القادم الينا من الخارج مثل الشيرازي و البالوني مشيرا إلى أن معظم تسميات الحمام لدينا غلبت عليها الاسماء التركية حيث شجع العثمانيون الحفاظ على الأنواع النادرة والسلالات الاصلية منه في البيئات العربية بشكل عام و الشامية على وجه الخصوص مثل البايملي و تعني الطير الرئيس و المشمشي و العنابي و الطير البلدي وهو أضخم الأنواع و يوجد لدى بعض الاشخاص فقط والابلق والفاضح و الشرابي و الماوردي و غيرها الكثير.
وأشار عز الدين إلى اهتمام الملوك والحكام العرب قديما بتربية الحمام و ضرورة المحافظة على الأنواع الأصلية منه حيث قام الحمام الزاجل أيام الخلافة العربية و الاسلامية بمهام المراسلات كالبريد حاليا واتخذ الرومان من طير العبد مطربش أو الأسود بعبسي شعارا يوضع فوق الخوذة بشكل نصف دائري حيث تغطي رأس هذا النوع من الحمام نصف دائرة من الريش الأحمر أما الحمام الموصلي الأبيض فقد أخذت منه معظم جيوش العالم منه مشيته المميزة حيث يرفع رجلا و يخفض الأخرى مشيرا إلى أن العديد من الدراسات في العالم أكدت أن وجود الحمام بمنظره الخلاب وهديله يحسن المزاج و يروق الأعصاب.
وأشار الدكتور عز الدين إلى اعتماده في مصادر معلوماته على شهادات العديد من كبار السن في البيئة الشامية وبعض أساتذة الجامعات حيث لم يكن قديما بيع الحمام واردا فغالبا ما كان يتم تبادله لاقتناء نوعيات من سلالات أخرى بين الاشخاص المربين او يتبادلونه كهدايا و لم يكن صاحب الحمام يبيع إلا إذا كان في حالة سفر خارج البلاد او في حالة الوفاة أو مغادرة المنزل نتيجة بيعه لافتا إلى أن العديد من دول العالم اليوم تحرص على اقامة معارض للطيور النادرة او مسابقات جمال لها على غرار مسابقات جمال الخيول والقطط و الكلاب.
ولفت عز الدين إلى أنه لا بد من اللبس أي الزينة التي توضع في رجلي طائر الحمام حيث يتم صنع اغلى نوع منها من الكاربا الالمانية ذات الالوان الثلاثة العسلي و الاخضر و الاحمر أو من البلاستيك الاصلي بألوان متعددة أو من العظم و قرن الجاموس و قديما كانت زينة الحمام تباع بالفرنكات أما اليوم فيصل أغلاها إلى 1500 ليرة سورية و توضع الزينة بهدف إصدار صوت يضاف إلى جمالية هديل الحمام.
ويبقى الحمام في عيون العشاق رسائل شوق و محبة و في عيون البسطاء و الطيبين أرواح من فارقوهم وفي عيون العالم رمز السلام فلا بد من تضافر جميع جهود الجهات المعنية للحفاظ على الأنواع النادرة والسلالات الأصلية من الحمام لدينا لأنه كان ولا يزال رمزا للسلام و مبعث الفرح والبهجة بالنفوس.
انا متاكد انو نص اهل حمص مابيعرفو
عن الحكي هاد ولا كلمة وللاسف طبعاً
احلا الحارات حارتانا